ما هو الميول المهنية؟

كثيرا ما نسمع الطلاب يقولون (لدي ميول نحو الكيمياء أو اللغة العربية)

وهذا ليس المعنى الصحيح لكلمة الميول المهنية

يشير مصطلح (الميول المهنية) إلى:

مجموعة الأعمال والأنشطة التي يميل لها الشخص أو ينجذب لها او يجد الاستمتاع عندما يزاولها.

قد تكون هذه الأنشطة هوايات او أعمال في قطاعات مختلفة.

هناك اهمية كبيرة لمعرفة الميول المهنية.. لأنه من الملاحظ ان الموظف عندما يعمل في مجال يتوافق مع ميوله، فسيمتلك الطاقة لبذل الجهد للتنمو والتقدم وإحراز النتائج.

بينما من يعمل في مجال لا يتوافق مع ميوله، فسينسحب من أول تحدي أو عقبة، فهو لا يمتلك الطاقة والإصرار للنمو والمواجهة.

هل قرأت مقال (كيف نقيس الميول المهنية؟)

ما هي أنواع الميول عند الانسان؟

تعد نظرية (الاختيار المهني) (1997م) التي قدمها العالم الأمريكي (جون هولاند) (1935 – 2008) من أشهر وأهم النظريات التي تحدثت عن الميول المهنية.

تقرر النظرية عدة امور مهمة:

أولاً: يمكن تصنيف الميول المهنية لدى الناس إلى ستة انواع.. وتعارف عالمياً على جمعها في الرمز (RIASEC).. وهي:

• الميول الواقعي Realistic

• الميول البحثية Investigative

• الميول الفنية Artistic

• الميول الاجتماعية Social

• الميول المقدام Enterprising

• الميول التقليدية Conventional

ثانياً: تشير النظرية أيضاً إلى أن بيئات العمل مُصنفة إلى ستة أنواع مماثلة لأنواع الميول المذكورة أعلاه.

ولذا ستجد أن كل بيئة عمل يسيطر عليها نوع من أنواع الميول الستة، فعلى سبيل المثال، عندما تذهب إلى قسم إدارة الأعمال في شركة (ميكروسوفت) فقد تجد سيطرة للميول (المقدام والتقليدي)، وهذا مختلف بشكل جذري عما ستجده سائداً من ميول عندما تزور مدرسة مجاورة حيث ستجد الميول (الاجتماعي) هي السائد.

ثالثاً: اختيار التخصص والمهنة هو تعبير عن الجذب والتطابق بين (1) الميل او الميول المهنية التي يحملها الشخص، و(2) نمط بيئة العمل السائد.

عندما يكون هناك تطابق بين هذين العنصرين، فسوف يشعر الفرد بالارتياح وستكون أمامه فرص للنجاح والتميز أعلى من غيره، وسيقوم بتغيير مهنته بشكل أقل.

أما إذا كان الدور الذي يقوم به في وظيفته لا يتطابق مع ميوله المهنية، فسوف يشعر بارتياح أقل، وستكون فرص النجاح والتميز لديه أقل، واحتمال تغيير وظيفته أعلى.

الافتراضات الثانوية في النظرية

  • الميول الستة ليست متكافئة في علاقتها مع بعضها البعض. فبعض الميول تجتمع مع بعضها البعض لدى الفرد منّا بشكل متكرر أكثر من غيرها، وبعضها لا يجتمع أو يجتمع بشكل أقل من غيره.
  • هذه الفرضية دفعت الدكتور (هولاند) إلى وضع الأنماط على شكل سداسي أطلق عليه (النموذج السداسي) (Hexagon) كما في هذا الرسم

حيث من المعتاد أن تجد أشخاص يحملون (ميلين)من الميول المتجاورة مثل ميل (واقعي) وميل (تقليدي) أي (RC)، أو (مقدام) و(تقليدي) أي (EC)، بينما ليس من المألوف أن نجد شخص يحمل الميل (البحثي) والميل (المقدام) أي (IE) أو الميل (الواقعي) والميل (الاجتماعي) أي (RS) أو (الفني) و(التقليدي) أي (AC) لأنها أنماط متقابلة حسب توزيعها كما هو موضح في النموذج اعلاه

مصطلحات مهمة:

1. التمايز (Differentiation): يشير هذا المصطلح إلى مستوى وضوح الميول لدى الشخص. فالشخص الذي يتمتع بتمايز عالي ينتمي إلى ميول واحد أو أكثر من الميول الستة التي قررتها النظرية بشكل واضح وبارز، بينما الشخص الذي يتمتع بتمايز قليل تجده ينتمي إلى عدة ميول من الميول التي ذكرتها النظرية بدرجة متقاربة وغير واضحة.

2. التطابق (Congruence) وهو يحدد مدى التطابق بين ميل الشخص والبيئة التي يعمل فيها. كلما زاد التطابق، كلما زاد رضا الشخص عن عمله.

3. الاتساق (Consistency) وهو يشير إلى اتساق بعض الأنماط مع بعضها البعض. فالأنماط المتجاورة حسب النموذج السداسي الموضح أعلاه مثل (I) و (R) هي أكثر اتساقاً. بينما الأنماط البعيدة عن بعضها في (النموذج السداسي) مثل (E) و (I) هي أقل اتساقاً. أهمية هذا الأمر تنبع من أن الأشخاص الذين يحملون أنماط شخصية متسقة يكونون أكثر إنجازاً في بيئة العمل المناسبة.

4. الهوية المهنية (Vocational Identity): تعبر عن مدى وضوح وثبات التصور لدى الشخص عن أهدافه وميوله وقدراته. من البديهي أنه كلما نضجت الهوية المهنية كلما أدى ذلك إلى استقرار وتقدم وظيفي أفضل.


ما هو كود هولاند؟

بعد دراسة الميول الستة لدى الإنسان والمجموعة في الاختصار (RIASEC)، نشأ ما يسمى بـ (كود هولاند) وهو وصف للميول الذي يحمله كل شخص منّا.

هذا الكود قد يكون مكوّن من حرف واحد عندما يحمل الشخص ميل واحد (مثل الميل الاجتماعي) وعندها يكون كود هولاند هو (S)

أو قد يكون مكون من حرفين اثنين عندما يحمل الشخص ميولين مثل (الفني والمقدام) أي (AE)

أو ثلاثة عندما يجتمع لدى الشخص ثلاثة ميولات مثل (التقليدي والبحثي والواقعي) أي (CIR). وهنا من المهم أن نعلم أن الحرف الأول يعتبر هو الميول الأساسي أو (الأولي) وأن الحرفين الثاني والثالث هما الميولان الثانويان.


كيف أتعرف على كود هولاند الخاص بي؟

هناك طريقتان نقوم باستخدامها لمساعدة العملاء على التعرف على كود (هولاند) الخاص بهم.

الطريقة الأولى: هي التقييم الذاتي:

حيث يقوم المرشد بعرض توضيحي مفصل لكل ميل، والأنشطة التي ينجذب إليها، والهوايات التي يستمتع بها، ومن ثم نطلب من المسترشد أن يضع تقييماً تقديرياً لنفسه في كل ميل من الميول من (0 إلى 100)،

وبعد ذلك نطلب منه تحديد أعلى ميول أو ميولين أو ثلاثة حسب ما يراه مناسباً له، ومن ثم يناقشه المرشد في خياراته هذه.

تتميز هذه الطريقة بالتأكد من فهم الطالب للميول المختلفة، واستيعابه لتطبيقاتها في الاختيار المهني باستخدام طرق مختلفة في الشرح والتوضيح.

القيمة الحقيقية لهذه الطريقة هي تعزيز فهم المسترشد للنظرية، فهذا لن يفيده في اختيار المسار التعليمي فحسب، بل سيكون مفيداً له في اختيار المسارات أكثر تخصصية في حياته المهنية في المستقبل.


الطريقة الثانية هي عن طريق استخدام المقاييس المهنية. وهناك عدد من المقاييس العربية التي تم تطويرها في هذا الصدد، بعضها مجاني، وبعضها مدفوع. أهم هذه المقاييس:

  1. المقياس العربي للميول المهني (ACIA) ويمكنك تجربته ضمن خدمات برنامج (بصيرة) على هذا الموقع
  2. مقياس الميول المهنية الذي طوره صندوق الموارد البشرية (هدف) بالتعاون مع المركز الوطني للقياس ويمكنك الوصول إليه عبر الرابط هنا

3. مقياس الميول المهنية ضمن مشروع المنار. ويمكنك الوصول إليه عبر الرابط هنا

4. مقياس للميول على موقع (CYM): ويمكنك الوصول إليه عبر الرابط هنا

ملاحظة:

تذكر المصادر أن هناك مئات المقاييس للميول المهنية باللغة الإنجليزية، ولعل من أهمها:

1. Strong Interest Inventory (SII)

2. Self-Directed Search (SDS)

3. Kuder Career Interest System

كيف أتعرف على كود هولاند الخاص بالمهن المختلفة؟

هذا تحدي مهم، إذ لا يوجد حتى الآن مرجع عربي يحدد كود هولاند للمهن المختلفة وفق البيئة العربية أو المحلية.

ما نقوم به هو أن ندرب العملاء على تحديد الكود الخاص بالمهن عن طريق التعرف على أهم الأعمال والأنشطة الخاصة بها، ومن ثم يتم تحديد الكود المناسب.

هناك مراجع إنجليزية جمعت أكواد هولاند لكل المهن ولعل أشهرها هذا الكتاب:

Dictionary of Holland Occupational Codes, Gary D. Gottfredson, John L. Holland

كيف أستفيد من (كود هولاند)؟

الميول الستة لها تطبيقات عملية واسعة في اختيار المسار المهني، بداية من تحديد المسار ضمن المرحلة الثانوية والتخصص الدراسي بعدها، إلى المسار المهني بعد التخرج من الجامعة أو الكلية، إلى الدور المهني الدقيق داخل الوظيفة.

كما تحدثنا سابقاً في فرضيات (هولاند) أنه كما قسمنا الميول إلى إلى ستة أنواع، فإن المهن أو (بيئات العمل) مقسمة أيضاً إلى ستة أنواع.

وهذا يعني أنه لو استطعت التعرف على ميولك المهني، ومن ثم على ميولات المهن المختلفة، فسيصبح بإمكانك التعرف على المهن المناسبة له، وبالتالي التخصصات الجامعية أو الدبلومات المناسبة لميوله، وهنا تحقق جزء من الهدف الذي نسعى إليه.

في الحقيقة كلما استوعبنا تقسيمات الميولات المهنية، وأنماط بيئات العمل بشكل أعمق، كلما استطعنا فهم العملاء، وفهم سوق العمل بشكل أفضل وبالتالي تقديم مشورة أكثر فعالية.

ما نود منك ومن كل قارئ ومهتم هو الآتي:

  1. التعرف على كود هولاند الخاص به
  2. التعرف على أنماط بيئات العمل، وكيفية استنتاجها أو التعرف عليها
  3. القدرة على إيجاد التطابق بين ميولك (والذي يتمثل في كود هولاند) وأنماط المهن المختلفة في سوق العمل.

فعلى سبيل المثال، إذا عرفت أن مهنة طبيب الأطفال تحمل الكود (اجتماعي وبحثي) (SI) وعرفت أن كود هولاند الخاص بك هو (SI)، فهذا يعني بشكل واضح أن هذه المهنة مناسبة لك. وأن التخصص الذي يقود إليها (وهو الطب البشري) مناسب لك.

بينما لو كنت تحمل الكود (EC) فهذا يعني أن مهنة طب الأطفال غير مناسبة لك، وبالتالي التخصص الذي يقود إليها (الطب البشري) غير مناسب لك.

مثال: قسم التسويق:

ومن الأمثلة التي يمكن استخدامها مع العملاء لتوضيح التباين في الأنماط المطلوبة، وأهمية اكتشاف الذات هو مثال إنشاء قسم التسويق في مؤسسة تجارية.

لاحظ كيف يتنوع كود (هولاند) حسب المهنة المختارة رغم أن العاملين في هذه المهن يعملون ضمن قسم واحد.

في هذا القسم, ستجد عدد من المهن .ز ولكل منها كود هولند مختلف عن الآخر:

  • مدير التسويق EC
  • مصمم إعلانات A
  • أخصائي أبحاث السوق IC
  • مدير الإعلان والترويج EA

مزايا مهمة في هذه النظرية

أولا: على الرغم من أن هناك ستة ميول أساسية إلا أنك عندما تنظر إلى اجتماع الميولين أو الثلاثة حسب كود هولاند لدى الشخص فهذا سيعطيك تحديداً أدق لطبيعة المهنة المناسبة له. فعلى سبيل المثال: من يمتلك الميول (البحثي) يميل إلى مجموعة من المهن مثل (الطب، والهندسة، والرياضيات،..)، لكن عندما تنظر إلى الفرق بين الميول البحثي والاجتماعي مجتمعين (IS) والميول البحثي والتقليدي مجتمعين (IC) فستجد أن الفرق كبير ومهم، فالأول (IS) يناسبه تخصص (الطب) بينما الثاني (IC) يناسبه تخصصات (الهندسة، والرياضيات).. وهكذا.

ثانيا: نظرية هولاند لا تساعدنا على التعرف على التخصص أو الوظيفة المناسبة فقط، بل تساعدنا على اختيار هواياتنا، والعمل التطوعي المناسب لنا، وحتى أصدقائنا، وفهم العلاقات المهمة في حياتنا.

ملاحظات مهمة على النظرية

1. ما تقدمه هذه النظرية من بصيرة في المهنة والتخصص المناسب لا يلامس إلا جانب واحد من التخطيط للمسار المهني، أي الجزء الخاص بالميول. وعلى الرغم من أهميته إلا أنه غير كافي لاتخاذ القرار بل يجب أخذ عناصر أخرى في القرار مثل القدرات وفرص سوق العمل.

2. هناك أكثر من كود يتناسب مع كل مسار تعليمي، وهذا قد يسبب التشوش للعملاء، فعلى سبيل المثال، تخصص الموارد البشرية يناسب من يحمل كود (ES)، لكنه في نفس الوقت قد يقودك إلى مهنة تحتاج إلى كود (C) أو (I) مثل العمل في مجال سلم الرواتب والعلاوات أو في مجال وضع السياسات والإجراءات، والوصف الوظيفي على سبيل المثال. إذا لم نقم بتوضيح سبب هذا التباين للطالب، فقد يرفض التفكير في الالتحاق بتخصص (الموارد البشرية) حيث يحكم عليه بناءً على مهنة لا يرغبها (العمل في مجال الرواتب وشؤون الموظفين) لأنها لا تتناسب مع ميوله، دون أن يأخذ في الاعتبار المهن الأخرى التي يمكن أن يقود إليها نفس التخصص، والتي تتناسب مع ميوله.

ختاماً:

فهم الميول المهنية وقراءتها والاستفادة من ذلك في التخطيط المهني أمر في غاية الأهمية واليضيف لبصيرتك الشخصية الشيء الكثير.

مشاركة

الأقسام: الوعي الذاتي

بواسطة منصة مساري

اترك تعليق