ما المقصود بمجال الاهتمام؟

عندما قمنا بإجراء جميع المقاييس النفسية لـ (ماجد)، أظهرت انه من المناسب له العمل في مجال التدريب.. ومع ذلك رفض (ماجد) هذا الخيار.. وكنا مستغربين من ذلك

ومن هنا بدأت الملاحظات تظهر في أنه حتى مع تطابق ميولك وقدراتك مع مجال محدد فهذا لا يعني بالضرورة أن هذا المجال هو المجال المفضل لك..!

إذن لابد ان هناك عناصر أخرى مهمة.. دعونا نستكشفها أكثر هنا..

قبل ذلك.. دعونا نعرف ما المقصود بمجال الاهتمام هو: (مجال مهني أو مسمى وظيفي أو دور مهني يختاره الفرد لممارسته كمهنة دائمة له)

وكمثال على ذلك يمكننا ذكر العمل في مجال الطب أو الهندسة أو التعليم، أو أكثر تحديدًا، مثل تصميم الشخصيات الكرتونية أو تحليل البيانات أو الحفاظ على البيئة.. وهكذا.


لماذا نختلف في رغبتنا في العمل في مجالات مختلفة؟

بالإضافة إلى الاختلاف في أنماط الشخصية والميول والقدرات والقيم المهنية، التي تحدثنا عنها في هذا الموقع.. إلا أن هناك مجموعة أخرى مهمة من العوامل التي تلعب دوراً جوهرياً في تحديد المجال الأنسب لنا.. دعونا نستعرضها:

1. الخبرات السابقة

كل تجربة نمر فيها، تترك أثراً علينا. ولذا من العناصر المؤثرة هي ما تعرضنا له من تجارب في حياتنا السابقة مثل الانخراط في مشروع او القيام بدور محدد.. كل هذا سيؤثر على خياراتنا المهنية

على سبيل المثال: يعمل (سعيد) في مجال التسويق.. وذات يوم تم الطلب منه القيام بتغطية عمل زميله في مجال المبيعات ووجد في ذلك حماساً لم يكن يعرفه من قبل.. وبالتالي انتقل إلى هذه المهنة.


2. المعلومات المهنية

حصولنا على معلومات مهنية عن مجال ما وامتلاك معرفة عميقة به قد يكون دافعا لنا لاختياره.

تخيل لو أن والدي يعمل في مجال (الإخراج السينمائي) أو (الطاقة المتجددة).. وجميع اصدقائه يعملون في نفس المجال.. لاشك أن هذا سيكون دافعا لي للعمل في نفس المجال.. وهذا أمر ملاحظ بشكل متكرر.

3. تجارب الحياة الصادمة:

يمر الناس بخبرات مختلفة في الحياة ، والتي ستؤثر على وجهات نظرهم وتطلعاتهم المهنية.

على سبيل المثال، الشخص الذي شهد مأساة كبيرة أو ظلمًا في حياته قد يكون لديه الاهتمام والطموح للعمل في مجال الخدمات الإنسانية (دعم وإرشاد الأيتام على سبيل المثال).

4. التطلعات الشخصية:

قد يكون لدى بعض الأشخاص تطلعات أو أحلام شخصية لا ترتبط مباشرة بقدراتهم أو اهتماماتهم أو قيمهم. وقد يكون هذا هو الدافع لهم للسعي وراء وظيفة أو وضع مهني محدد ، أو الرغبة في كسب المزيد من المال ، أو الحاجة إلى تحقيق طموح الطفولة.

5. الانتقال إلى مدينة جديدة:

يمكن أن يؤدي الانتقال إلى مدينة أو دولة جديدة إلى تعرض الفرد لثقافات ومجالات وفرص عمل مختلفة ، مما قد يؤثر على مسار حياته المهنية.

على سبيل المثال، انتقل (حسام) إلى (لوس انجلوس) حيث توجد العديد من شركات التقنية المتقدمة، ومن هنا قرر المضي قدما في هذا المجال كمهنة جديدة له.

6. فقدان الوظيفة:

قد يؤدي فقدان الوظيفة إلى دفع الفرد إلى استكشاف مسارات وظيفية جديدة أو تطوير مهارات جديدة لتحسين قدرته على التوظف.

على سبيل المثال، تم تسريح (سامية) من عملها كمحاسبة في شركة بعد استعانتهم ببرنامج حاسوبي يقوم باعمال المحاسبة.. ومنها قررت الحصول على تدريب في مجال التسويق والانتقال إلى هذه المهنة الجديدة بالنسبة لها.


7. الإنجازات الشخصية:

عند تحقيق أي إنجاز، فإنه يبعث فينا الشعور بالرضا والحبور.. وهذا قد يدفعنا إلى الاستمرار في هذا المجال. صحيح ان هذا قد يرتبط بقدراتنا لكن ليس الأمر كذلك في كل وقت.

8. التواصل والاحتكاك بالأفراد الملهمين:

الاحتكاك بفرد أو أكثر من الملهمين والمؤثرين في مجال معين قد يلهم الفرد لمتابعة مسار وظيفي مماثل.

صحيح أن هذا قد يكون مخادعاً وقد يقودنا لقرارات خاطئة لكن قد يكون خطوة في الطريق الصحيح


كيف استكشف مجالات الاهتمام الخاصة بي؟

لا يوجد أداة سحرية.. يجب أن تتحرك من مكانك وتذهب لتنخرط في أنشطة مختلفة حتى يتبين لك مجال الاهتمام الخاص بك.. تابع معي هذه التقنيات:

  • السؤال الذهبي

من المفيد ان تطرح على نفسك ما نسميه (السؤال الذهبي).. وهو:

تخيل انه اتصل بك البنك.. وذكر لك أنه كان لديك عم ثري وتوفي وتم توزيع تركته وحصلت على عمارة لا يمكنك بيعها لكن سنقوم بإيداع مبلغ 30 ألف ريال شهريا في حسابك.

تأكدت من أنها ليست مزحة ثقيلة من بعض الأصدقاء!

والآن: ما القرار الذي تتخذه في حياتك المهنية؟ ماذا ستعمل؟ أين؟ وكيف؟ ولماذا؟

هذا السؤال – على انه سؤال خيالي- إلا أنه يفتح لك بصيرة مهمة في الكشف عن مجال الاهتمام الخاص بك.. وتستحق التجربة


  • تظلل المهنة

قم بوضع قائمة بالمهن والأعمال التي تعتقد ان تناسبك.. راجع ما تعلمته عن ميولك وقدراتك..

قم بالتواصل مع العاملين في هذه االمهنة واطلب قضاء وقت قصير معهم أثناء ممارستهم للمهنة التي يقومون بها

أعلم ان الأمر ليس بالسهل .. لكن مع استخدام علاقاتك وتواضعك ولطفك في السؤال ستحصل على موافقات من عدد من العاملين في المجالات المختلفة

  • المقابلات المعلوماتية (الاستكشافية)

وهي عبارة عن محادثة بين طرفين (خبير) و(موظف جديد) أو بين (موظف) و(طالب) أو (باحث عن عمل) تهدف إلى جمع معلومات وأفكار حول (1) مجال مهني معين أو (2) دور وظيفي أو (3) شركة معينة.

هذه المقابلات هي فرصة ذهبية لاستطلاع الفرص في السوق، والحصول على نظرة واقعية لما تبحث عنه. فالمعلومات موجودة على الانترنت ويمكن الوصول إليها بأكثر من طريقة لكنها قد تكون قديمة او بعيدة عن السوق الحالي والمحلي الذي ستعمل فيه.

احصل الآن على مقياس عالمي

مع جلسة لشرح النتائج مع د. ياسر بكار

ما الخطوة القادمة؟

إحدى النظريات المشهورة في التطوير المهني (نظرية الأحداث العرضية المخطط لها Planned Happenstance ) تؤكد على الطبيعة غير المتوقعة لعالم العمل، حيث تلعب (الصدفة) والأحداث العرضية غير المخطط لها دوراً مهما في تطورنا المهني.

على سبيل المثال.. حضر (جابر) زواج صديقه (صالح) .. وهناك قابل (عبد الله) الذي يعمل في مجال التامين وإدارة المخاطر.. وحدث بينهما حوار مطول حول هذا المجال المهني المهم والصاعد، وعرض (عبد الله) على (جابر زيارته في المكتب لاستكمال الحديث.

كان هذا اللقاء بالنسبة لـ (جابر) نقطة تحوّل له حيث قرر الانتقال إلى مجال (التأمين) حيث يعمل من خمس سنوات ويحقق فيه نجاحاً مميزاً.

يقول العلماء المتحمسن لهذه النظرية أن الجزء المهم للاستفادة من النظرية هو الآتي:

  • امتلاك عقلية منفتحة وباحثة عن الفرص
  • المرونة والتكيف
  • حضور المناسبات المختلفة وإجراء (الحديث المهني) مع العاملين في المجالات المختلفة
  • تطوير المهاارت المتنقلة التي تمكنك من الانتقال إلى الوظيفة الجديدة بسلاسة
  • التعلم من التجربة وليس من مجرد التأمل أو القراءة أو تصفح الانترنت
  • امتلاك ( حس التفاؤل) والذي يدل على إيمان عميق بأن الأيام الناجحة والنجاحات المتميزة لم تحققها بعد.. وأنها قادمة وقريبة جدا منك.

ختاماً: هذا عنصر آخر من عناصر اكتشاف الذات التي تحتاج منك إلى جهد وسعي.. وكن دوما قريب من الله واطلب منه التوفيق والتسديد.

مشاركة

الأقسام: الوعي الذاتي

بواسطة منصة مساري

اترك تعليق