الشعور بالرضا والهدوء النفسي مطلب لا يهدأ الإنسان في السعي ورائه. من حظي به أكمل حياته باستمتاع، ومن لم يحظ به امتلأت حياته بالكدر والمنغصات. أما أنا فقد هداني الله عز وجل إلى قرارات خمس كان لها أكبر الأثر على حياتي النفسية ومنحتني من الراحة والهدوء الشيء الكثير:

 

أولاً: حددت أهدافي

في اليوم الذي رسمت فيه أهدافي بشكل واضح، شعرت بطمأنينة وهدوء رائعين وخلدت فيه للنوم بكل راحة وسكينة.

اعترف أن من طبيعة شخصيتي التشتت والشعور بالإغراء السريع أمام الفرص التي لا تنتهي وقد قادني ذلك إلى قرارات مريعة! لكنني أمارس كل يوم رياضة (التركيز)! وأحث نفسي عليها صباح مساء. أعترف أنني أنجح أحياناً وأفشل أحياناً أخرى لكنني على الأقل عرفت سراً مهماً من أسرار الهدوء والطمأنينة

 

ثانياً: توقفت عن لوم الآخرين

مهما قصّر الأصدقاء في حقي (إخلاف موعد أو تقصير غير مبرر) فلا أقوم بلومهم. وهذا ليس كرم أخلاق مني.. لا أبداً.. بل لأنني على يقين أن كل واحد منهم يخوض كل صباح معركة أكبر وأهم من حقوقي عليهم. وعندما أتقنت ذلك منحني الله عز وحل راحة وطمأنينة بال عظيمتين.

 

ثالثاً: توقفت عن الجدال

في اللحظة التي قررت فيها أنني لست مسؤولاً عن تغيير أفكار الناس ومواقفهم وآرائهم عندها امتلأت بالراحة والطمأنينة. نعم أنا مسؤول عن تعليم الناس وإيضاح الحقيقة لهم ونصحهم وتوجيههم وهذا لا يستغرق مني أي جهد أو وقت أو طاقة لكنني بمجرد أن شعرت أن الأمر انتقل إلى جدال أعمى يدافع فيه الآخر عن موقفه (لمجرد أنه موقفه) انسحب وأقول له: (لكم دينكم ولي دين).

والحقيقة أني وصلت لهذا القرار لسببين: الأول. أن الناس لا تتخذ قرارتها بأسلوب منطقي في كثير من الأحيان بل تتأثر بعوامل كثيرة فكيف لي أن أخوض معهم نقاشاً منطقياً حوله؟!

عندما حدث الانقلاب الظالم في (مصر) الحبيبة شعرت بألم كبير خاصة أنني كنت قد زرتها أنا وزوجتي قبل بضعة أشهر – أيام الرئيس مرسي حفظه الله وفك أسره-وكان أجمل ما فعلناه هناك هو زيارة ميدان الحرية (التحرير) إذ قضينا فيه أجمل الأوقات وتحدثنا مع أبطال الثورة هناك. في تلك الأيام – أيام الانقلاب-بدأت أتحدث مع أحد الإخوة المصريين في عملي وعندما وجدته يقف إلى جانب الانقلاب لأسباب شخصية – ابنه ضابط في الجيش-توقفت عن الخوض في الأمر جملة وتفصيلاً. وعندما جربت مثل هذه النقاشات مع آخرين وفي موضوعات مختلفة وجدت أن مواقفهم ليست مبنية على فكرة منطقية أصلاً، بل مبنية على هوى أو مصالح شخصية أو تجارب ماضية يقومون بتعميمها بشكل خاطئ، فكيف لي أن أصلحها بالنقاش المنطقي؟!

 

والسبب الثاني: أنه أصبح لدي إيمان عميق بأن لكل شخص الحق في أن يحمل الأفكار ويتخذ المواقف التي يريد. هذا حقه بعد أن تتضح أمامه الصورة ولا أعتقد أن علي سلبه هذا الحق عندما لا يرغب هو في ذلك!

 

رابعاً: تعلمت الكلمة السحرية

هل تعلم ما هي الكلمة السحرية؟ إنها كلمة (لا). عندما تعلمت أن أقول (لا) دون الشعور بالذنب حينها بدأت أشعر براحة كبيرة. عندما يتصل بي شخص لا أعرفه وأنا في خضم الأعمال فلا أرد عليه، وعندما يرسل لي شخص إيميل طويل لا أجد الوقت لقراءته فأغلقه، وعندما يوجه لي شخص لوم غير صحيح فلا أمنحه أي اهتمام. حينها بدأت أشعر براحة وهدوء جميلين

قد يبدو الأمر للوهلة الأولى أنها أنانية أو تكبراً لكنها في حقيقة الأمر وقوف إلى جانب نفسي أمام التشتت واعتداء الآخرين على أغلى ما أملك: وقتي وطاقتي النفسية.

 

خامساً: اللجوء إلى الله والإيمان بالقضاء والقدر

بعد كل هذه الطرق الفعالة تبقى الأداة الأكثر فعالية ونفاذا هي الإيمان العميق بأن ما اصابني لم يكن ليخطئني وأنا ما أخطأني لم يكن ليصيبني. الإيمان بالقضاء والقدر بلسم الجراح ودواء النفوس وثقة بمن بيده الأمر كله – سبحانه وتعالى-وهو في نفس الوقت الرحيم الكريم الرؤوف الذي تطيب النفس بمناجاته واللجوء إليه والوقوف على أعتاب بابه. أسأل الله السداد وشكرا لوقتكم.

مشاركة

الأقسام: الوعي الذاتي

بواسطة د. ياسر بكار

اترك تعليق