هل أتزوج من زوجة ثانية؟
في مجلس من مجالس السمر طرح أحد الشباب فكرة (التعدد) وبدأ ينوح ويبكي على القمع الممارس ضد الرجال في حرمانهم من حق بسيط وهو الزواج من ثانية. كان الشاب يتحدث للاستمتاع وليس دفاعاً عن حقه كما زعم، فأنا أعلم أن نصف زوجة كافية بالنسبة له! فتركته يستمتع وفي اليوم التالي جلست لأكتب له هذه الرسالة. هل بالفعل من حقنا أن نتزوج من ثانية؟
الإجابة دون تردد هي نعم.. هذا منصوص عليه بوضوح في الكتاب والسنة. لكننا نعود دوماً إلى فهمنا للأحكام بطريقة صحيحة وفي السياق الصحيح. التعدد حق للرجل لا ينكره أحد ولكن في المجتمعات الصحية وليست المريضة. في المجتمع الذي يحفظ الحقوق لكلا الطرفين في الاختيار وليس لطرف الزوج فقط. هل تعرف أن بعض الصحابيات تزوجن خمس مرات! .. تعرف لماذا؟ ليست لأنها تهوى التغيير بل لأنها تعيش في مجتمع حر لا ينظر إلى موت الزوج أو الطلاق على أنه استبعاد للمرأة من الحياة واحتقارها بل قرار بفض علاقة بنيت عن طواعية ومن الطبيعي أن تنتهي في أي وقت. هل تعرف ماذا كان جدي وجدك يقول لابنته إذا طلبت الطلاق من زوجها؟ كان يقول: (اخرسي وانضبي في بيتك) مع أن هذا الزوج لا يمكن أن تحتمل أنت مصاحبته لساعة فكيف تعيش هي العمر كله معه لكنها مقيدة في مجتمع غير منصف.
نعم لك الحق أن تتزوج عندما يكون للمرأة الحق في أن تبني حياتها المهنية والاجتماعية دون حرب من الأسرة ورجال الدين والمجتمع مما يحرمها الشعور بالاستقلالية ويحفظ حقها في الاختيار كما استخدمت انت حقك في الاختيار.
نعم لك الحق أن تتزوج عندما يكون لدى شريكتك الحرية في اتخاذ القرار في أن تبقى أو تمضي دون أن يلاحقها المجتمع بالنظرات المريبة وبلفظ (مطلقة) و(لو فيها خير ما تركها الطير) وغيرها كثير من العبارات التي نرددها عن جهل أعمى ومخزي.
كم أستغرب كيف تمارس أنت حقك وشريكك مسجون .. هذا ليس عدلا. ولو كنت عادلاً لتركت لها – أيضاً- الحرية في أن تتخذ هي قرارها في هذه العلاقة. قد تقول لي: أنا لم أجبرها على البقاء، وقد صدقت، ولكن خذ الصورة الكبيرة فالمجتمع – والذي أنا وأنت جزء منه- يحاربها ويحرمها هذا الحق بكل أدواته. فكيف تقبل أن تكون أنت وهم ضدها .. هذا ليس عدلا.
ابن مجتمع متحرر كمجتمع الرسول صلى الله عليه وسلم يسود العدل أركانه ويعيش أفراده دون قهر وملاحقة وحرب نفسية وتقاليد بالية وبعدها تزوج كما تشاء!