هناك قضية مهمة غفل عنها كثير من الناس، وهي أن تعريفنا للنجاح في وضعنا الطبيعي يجب أن يكون مختلفًا بين بعضنا البعض.
فالنجاح لدي قد يتمثل في القيام بأعمال خدمية تنفع المجتمع، وترفع من مستواه، أو تضيف إلى وعيه، أو تحل المشاكل، وتخفف الأعباء أو الصعوبات على بعض أفراده.
من جهة أخرى قد يكون النجاح لدى شخص آخر يتمثل في تكوين ثروات مادية، والاستمتاع في الكسب أو التجارة، وتطوير الأعمال.
بالنسبة لشخص آخر قد يكون النجاح هو تحقيق قيم مهمة، مثل حماية البيئة، أو تعليم الأطفال، أو نشر الدعوة إلى الله، أو غير ذلك الكثير.
من الطبيعي في المجتمعات الصحية أن يتباين الناس في تعريف النجاح، وألا ينتقد بعضهم بعضًا في ذلك التعريف، أو في فهمهم للنجاح.
للأسف بحكم اختلاطي بالطلاب والشباب الصغار أجد هذه الفكرة غير واضحة، بل ينصبّ فهمهم للنجاح على زاوية واحدة، تتمثل في الحصول على مهنة جيدة، وراتب عالٍ، وما يتبع ذلك من بناء منزل جميل، وتربية الأطفال، وكثرة السفر للخارج، والاستمتاع بكل ما هو متاح.
أنا لست ضد هذا التصور، لكن المؤلم أن يكون هذا التصور موحدًا لدى الجميع، وهذا التعريف موحدًا لدى الجميع؛ لأنه في الواقع يترك أثرًا سلبيًّا كبيرًا على كثير من المناشط المهمة في الحياة، والدليل على ذلك هو غياب من يحمل قيمًا في مجالات الخدمة العامة، فلا نجد من يصارع في مجالات مثل حماية البيئة، أو حماية الحيوانات التي توشك على الانقراض، وقلة المضحين في مجالات خدمة المجتمع، أو نشر الدعوة، أو المساهمة في فِرَق المساعدة في الكوارث الطبيعية، وغير ذلك من القيم المهمة والجوانب الأساسية في حياتنا.
عندما تغيب تلك القيم…. لا يمكن أن نصنع جيلاً يهتم بهذه الجوانب ما لم نعد إلى أصل الفكرة، وهي كيف تعرّف النجاح، وكيف تفهم النجاح لديك؛ لأننا يجب أن نعترف أن هناك مجالات لا تجعل منك ثريًّا، ولن تجعل منك غنيًّا، ولكن إبداعك فيها، ونجاحك فيها بلا شك سيعدله نجاح كبير، بل قد يفوق من كوَّن ثروة مالية كبيرة.