كيف تحقق أقصى استفادة من المعارض المهنية؟
مما لا شك فيه أن المعارض المهنية أو معارض التوظيف فرصة جيدة لكل من صاحب الشركة والباحث عن عمل على حد سواء. ففي هذه المناسبة الخاصة، تتعرف على مئات الشركات وتجد نفسك أمام عدد لا بأس به من عقود العمل والتدريب. لذلك، حاولنا أن نقترب أكثر من هذه المعارض ونستكشف أسرارها المثيرة للاهتمام. وفي المقالة التالية، يستعرض جاريث فاولر ـ مدير برنامج التأهيل المهني تجربته مع أحد معارض التوظيف، فتابع معنا.
لم تكن أولى ذكرياتي مع المعارض المهنية جيدة على الإطلاق، فقد جاء حضوري لأول معرض توظيف بمحض الصدفة ودون سابق ترتيب. كنت في مؤتمر هام وأثناء مروري بإحدى القاعات أثار اهتمامي وجود الآلاف من الأشخاص في صفوف طويلة أمام طاولات صغيرة، فسألت إحدى الحاضرين عن سبب هذا الازدحام، وقالت”انه معرض مهني.” “هل تبحث عن فرصة عمل؟”
وقلت لنفسي ياله من اكتشاف عظيم! فدون سابق إعداد بدأت رحلتي للبحث عن وظيفة. وهكذا، قضيت باقي يومي في الإجابة على أسئلة ممثلي الشركات والمؤسسات حول أنواع الأبحاث التي أعكف عليها ونوع العمل الذي أتوقعه، وللأسف لم تكن إجاباتي على المستوى، فعلى أي حال لم أكن مستعدا، كذلك لم يكن لدي أدنى فكرة عن هذه الشركات. لكنني حاولت على الأقل، ويكفيني شرف المحاولة. ومع نهاية اليوم، رجعت إلى منزلي على أمل أن يتصل بي أحد أصحاب العمل ويعرض علي وظيفة مرموقة.
عدت إلى معملي ـ أو عالمي الخاص ـ واستأنفت أبحاثي التي تشغلني عن أي شئ آخر. وبالتأكيد لم أتلقى أية اتصالات، كما أنني لم أتصل بأي من الشركات التي لم أكن أتذكر أسماءها. في الحقيقة، لم تكن المشكلة في عدم تذكري لأسماء الشركات، فمشكلتي الحقيقية ـ كما أدركت لاحقا ـ هي أن الشركات نفسها لا تذكرني وهذا خطأي لأنني لم أمنح ممثليها انطباعا بأنني شخص مميز أو مختلف.
وفي تلك الأثناء، قررت أن المعارض المهنية مضيعة للوقت لا طائل منها، ومازالت أصر على أنها كذلك طالما أنك تتعامل معها بنفس طريقتي السابقة. ومع ذلك، قابلت فيما بعد كثير من الأشخاص ممن نجحوا في الفوز بفرص عمل رائعة من خلال المعارض المهنية. وبدأت أتساءل: ترى ما سبب فشلي في هذه التجربة؟
الخطأ الشائع
يرى مارك ماسكولو ـ مسئول التوظيف والموارد البشرية بشركة Johnson & Johnson ـ أن من أهم الأخطاء الشائعة التي يقع فيها الباحث عن عمل “عدم الاستعداد الجيد”. قضى ماسكولو مئات الساعات مع العلماء الشباب في المعارض المهنية في جميع أنحاء البلاد. وقد قابل العديد من العلماء الموهوبين والمتميزين ممن فشلوا في الحصول على أي فرصة عمل.
السؤال الآن: كيف تستعد للمعارض المهنية؟ حتى تكون مستعد لحضور مثل هذه المعارض، لابد أن تكون لديك فكرة جيدة عن نفسك وقدراتك وإمكانياتك، بالإضافة إلى جمع معلومات كافية عن صاحب العمل الذي سوف تتعامل معه. ربما كانت عملية استكشاف الذات وتقييمها صعبة، لكنها هامة للغاية. حاول أن تصرف جزءا من وقتك في تحديد ما تريد أن تحققه في هذه الحياة. وعليك أن تبدأ بالخطوة الأولى، ألا وهي البحث عن إجابة مقنعة لبعض الأسئلة الهامة، على شاكلة:
- ما نوع الوظيفة التي تبحث عنها ؟
- كيف ترى نفسك بعد عشر سنوات؟
- ما هي المهارات والقدرات التي يمكنك تقديمها لصاحب العمل؟
- ما الدليل الذي يمكنك تقديمه لتثبت نوعية عملك؟
بمجرد تمكنك من الإجابة على هذه الأسئلة ـ وهي عملية قد تأخذ من عشر إلى عشرين عام ـ يمكنك الانتقال إلى الخطوة الثانية، وهي التعرف على الشركات التي سوف تحضر المعرض والوظائف التي توفرها. عادة ما يقوم منظمي المعارض المهنية بوضع قائمة بأسماء الشركات المشاركة، ويقوموا بنشرها على شبكة الانترنت. ابحث عن هذه القوائم، وادرسها جيدا، وحاول أن تتعرف على الوظائف المتاحة في الشركات التي تود أن تلتحق بها. وفي غالب الأحيان، تظهر تلك الوظائف كرابط في الموقع الالكتروني الخاص بكل شركة. وبعد ذلك، حاول أن تستكشف نوعية الموظفين الذين تبحث عنهم الشركات والوظائف التي قد ترغب في الحصول عليها.
ماذا لو أعجبتك شركة ما لكنها لا توفر الوظيفة التي تتفق مع ميولك وقدراتك؟ ربما جالت في ذهنك فكرة التقدم لأي وظيفة تطلبها هذه الشركة، حتى لو كانت لا تستثير اهتمامك، وبذلك تتمكن من دخول الشركة ومن ثم تنتظر الفرصة المناسبة التي ترغب فيها. لكن إياك أن تفعل ذلك، فهذا أسوا قرار قد يتخذه الباحث عن العمل. ضع في اعتبارك أن أصحاب العمل ليسوا بهذه السذاجة، فهم قادرون على تحديد ما إذا كنت مهتم فعلا بهذه الوظيفة أم أنك تدعي ذلك. وحتى إذا نجحت في خداعهم وحصلت على الوظيفة، فاعلم أن هذه ليست بداية مشجعة لحياة مهنية واعدة. قد تتساءل الآن: ما الحل في هذه المشكلة؟ الحل بسيط للغاية، فالصدق هو أقصر طريق للنجاة. استعد جيدا للقاء وقدم إجابات صادقة لكافة الأسئلة التي قد يطرحها عليك صاحب العمل. وأخبرهم بنوع الوظيفة التي تبحث عنها، وحاول أن تترك لديهم انطباع جيد عن جديتك ودقتك وقوة مؤهلاتك.
أهم الأسئلة التي قد يطرحها عليك صاحب العمل:
- ما أنواع الأبحاث التي قمت بإجرائها؟
- ما هي الطرق التجريبية التي تتقن استخدامها؟
- هل لديك استعداد للسفر؟ إذا كنت لا تمانع، أي المناطق تفضل؟
- متى ستكون جاهزا للعمل؟
- وأخيرا، أصعب جزء في المقابلة: “حدثني عن نفسك”.
حاول أن تكون إجاباتك على هذه الأسئلة ـ خاصة الأخير ـ موجزة وواضحة، وتجنب استخدام المصطلحات العلمية المتخصصة. حاول ألا تستطرد كثيرا في التفاصيل، فهذا أمر لا يفضله غالبية أصحاب العمل. وعادة ما يكون الاستطراد والتطويل غير المبالغ فيه دليلا على عدم أخذ فترة كافية للتفكير في الإجابة. حاول كذلك أن تكتسب مهارة تبسيط الأمور لغير المتخصصين، وهي مهارة مهنية هامة عادة ما يبحث عنها أصحاب العمل، فكما تشير ليزا أندرسون ـ مسئولة التوظيف في شركة Transform Pharmaceuticals ـ “ليس كل مديري التوظيف علماء متخصصين.”
امنح صاحب العمل انطباعا جيدا عن مظهرك وشخصيتك
ربما كنا نحن ـ معشر العلماء ـ لا نولي اهتماما لمظهرنا وتقديم أنفسنا قدر اهتمامنا بأبحاثنا وتجاربنا ( وربما كانت هذه مشكلتي أنا فقط). في الحقيقة، يبحث أصحاب العمل عن الموظف الذي يجمع ما بين المهارات العلمية والتدريب والمظهر الجيد والمهارات الاجتماعية المتميزة. وهكذا، حاول أن تمنح مسئول التوظيف انطباعا جيدا عنك في أول لقاء يجمعكما في المعرض. ويمكنك الاسترشاد بالنقاط التالية:
التزم المظهر الرسمي غير المتكلف
- اعتني بملابسك قدر المستطاع وتجنب الجينز أو الملابس الكاجوال غير الرسمية. ولا ضير أبدا من رابطة عنق أنيقة. وبالنسبة للفتيات، تجنبي الملابس المتكلفة أو الإكسسوارات المبالغ فيها.
- اسأل صاحب العمل عن اسمه وتذكره جيدا.
- عندما تتقدم في صف المتقدمين، حاول أن تمسح يديك مما قد يعلق بهما من أتربة أو تعرق. وعندما تقابله، عليك أن تصافحه بقوة وثقة.
- أنظر إلى عينيه مباشرة، ولا تتجول بعينيك في الغرفة أو تستعرض ملابسه حتى لا يشعر أنك مشتت الانتباه.
- التزم مبادئ اللياقة والأدب: استخدم عبارات مثل، أشكرك، على الرحب والسعة، حسنا سيدي، وما إلى ذلك.
- كن متحمس لعملك وأظهر اهتمامك به، لكن لا تبالغ في ذلك أو تتصنع الحماس.
- ضع في اعتبارك أن عليك أن تستمع أكثر مما تتكلم، كن مستمعا جيدا وركز فيما يقوله صاحب العمل. ويمكنك أن توضح له اهتمامك بما يقول من خلال إعادة صياغة بعض أقواله في أسئلة تطالبه بمعلومات إضافية.
تابع الشركة ولا تتراخى
لا ينتهي الأمر بمجرد مغادرتك المعرض المهني، فرحلة تسويق نفسك مازالت في بدايتها. حاول أن تكون نشيط وكن على اتصال دائم بالشركة لتتابع سير الأمور وتبدي لهم اهتمامك. ومن أهم التقنيات التي ألجأ إليها: إرسال السيرة الذاتية، الاتصال بمدير الموارد البشرية أو إرسال خطاب شكر.
تدرب جيدا
تبحث الشركات عن الموظفين الواثقين المتميزين، والتدريب هو خير سبيل للتميز. ربما لم يحالفني التوفيق في أولى محاولاتي للاستفادة من معارض التوظيف، لكنني لم أيأس حيث حاولت أن أحسن من أدائي. وأنت الآن في وضع أفضل، لذا تعلم من أخطائي حتى تحقق أقصى استفادة من المعارض المهنية.