تخيل أنك كنت تسير في مكان ما ووجدت (مصباح علاء الدين)! عندما حركت المصباح السحري خرج الجني بشكل مخيف أمامك وضحك ضحكته المشهورة وقال لك: (انظر أيها الشاب.. سأمنحك فرصة تحقيق أمنية واحدة .. لكن هذه الأمنية محددة بطبيعة المهنة التي تتمنى العمل فيها في المستقبل. لن أمنحك المال لكن سأحقق أمنيتك وأضعك في المهنة التي تتمنى قضاء بقية حياتك فيها .. تذكر أن لديك فرصة واحدة فقط للتمني).
هل لديك إجابة جاهزة تقولها للجني؟
هذه القصة الرمزية تدفعني للحديث عن حالة نفسية إيجابية يمر بها بعض الناس وهي (الوضوح) حول ما يتعلق بحياتهم المهنية:
- الوضوح في طبيعة العمل والمهمات التي سيقومون بها كل يوم عند وصولهم للمهنة الحلم (وليس المسمى الوظيفي فهذا غير كافي)
- الوضوح في نقاط القوة التي يمتلكونها وكيفية تفعيلها كل يوم والبناء عليها وعلاقة ذلك بالمهنة الحلم التي يسعون إليها
- الوضوح في نقاط الضعف التي يعانون منها وكيف ساهمت في فشل الماضي وكيف يمكن التغلب عليها أو الالتفاف عليها في مسيرتهم المهنية
- الوضوح في الأنشطة والأعمال التي يجب أن يقوموا بها اليوم وكل يوم من أجل الوصول إلى (المهنة الحلم)
- الوضوح في المشاعر الإيجابية والسلبية التي تنتابهم أثناء عملهم ونشاطهم المهني وأثر ذلك على المضي قدما في الوصول إلى (المهنة الحلم)
- الوضوح في المؤثرات التي تدفعهم نحو هذا المسار المهني وتفضيله على مسار آخر مثل (تأثر برموز وأبطال في مخيلته في الماضي وفي الوقت الحالي، حسد من آخرين، رغبات ودوافع خفية،..)
الغريب في هذه الحالة – حسب خبرتي الشخصية – أن الكثير من الناس يتوهمون امتلاكهم للوضوح، ولكن عندما أخوض معهم في التفاصيل عن سبب اختيار هذا الطريق المهني وكيف اتخذوا هذا القرار وما الوسائل التي يستخدمونها للوصول إلى الهدف، يظهر لي جلياً الخلل ومناطق التشوش والتي يحتاجون إلى العمل عليها بشكل حثيث.
إن من يصل إلى حالة (الوضوح) في حياته المهنية يعرف تماما ما الذي يجب فعله كل يوم عندما يستيقظ كل صباح .. يعرف تماماً كيف يوجه دفة السفينة .. يعرف تماماً متى يقول (لا) بصوت عالي ومتى يقول (نعم) دون قلق أو تردد. هل الوصول إلى هذه الحالة سهل؟ الإجابة هي: (لا). هل الوصول إليها مستحيل؟ الإجابة هي: (لا) أيضاً..! هذا طبعاً إذا صرفنا الجهد الكافي وبالطريقة الصحيحة.
ختاماً: اليوم فقط عرفت لماذا نردد سبعة عشر مرة كل يوم على الأقل في مناجاتنا لله العظيم: (اهدنا الصراط المستقيم) .. إنه – أيها السادة – الوضوح الذي يحتاج إلى توفيق الله وعونه. لاحظ أيضاً أن الآية تدلنا على معنى آخر مهم وهو أن الوصول إلى الوضوح ليس حدثاً أو إلهاماً أو أمر فجائي بل هو حالة من التسديد اليومي والتقدم خطوة بخطوة بشكل مستمر لو أخذنا بالأسباب بطريقة صحيحة ونالنا عون الله وتوفيقه.
أسأل الله لي ولكم السداد والهداية!